التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠١٦

جـريمة الحيــاة

  1 كثير منا يزعم أنه ضحية شبكة العلاقات الإنسانية التي تحيط به بدءاً من أفراد الأسرة مروراً بالأصدقاء والأحبة انتهاء بالعابرين في الطرقات والمواصلات العامة. بعضنا أيضاً يتلذذ بنفسية المضطهد ويمصمص الشفاه وتنهال دموعه بسبب ومن دون، وآخرون ينتشون بنفسية الجلاد ويتفاخرون بأنهم تجبَّروا في أخذ حقوقهم، أو ما يزعمون أنه حقوقهم، ويتباهون بأنهم لطخوا وجوه خصومهم بالمهانة، ما يستدعي بدوره تساؤلًا منطقياً: إذا كان الجميع يشتكي الاضطهاد، فمَـن اضطهد مـَن؟ ومـَن ظلم الآخر؟ وهل الحياة جريمة نعاقب على الميلاد فيها، وإذا كانت المسألة على هذا النحو، حيث يشتكي الجميع من الجميع، ونتحول من ضحايا إلى جلادين؟ فأين يكمن الخلل، ولماذا صارت العلاقة الإنسانية ميداناً لجلد ذواتنا، وتحول البعض تجاه الآخر لأدوات تعذيب فى تبادل للمقاعد، ولماذا يمارس كل منا السادية (لذة التعذيب) على الآخر دون أن ينتبه إلى أنه كان يشكو الحال نفسه بالأمس القريب؟ وما الذي بـدّل هدف العلاقات الإنسانية من وسيلة للسعادة ومقاومة الوحدة الموحشة إلى درب من دروب النكد والاستمتاع بالوحدة والانعزال، فهل تـُغيرنا الحيا

هل تكرهنا الحيــاة؟!

يـُروى فى الأثر الشعبي أن كثيرا من المصريين حينما يضحكون حتى تمتلئ عيونهم بالدموع، يتوجهون بحديثهم إلى الله “خير اللهم اجعله خير”، ويظلون دائما فى انتظار وقوع كارثة، وكأن الفرحة الغامرة التى أحالت ضحكتهم بكاء خطيئة اقترفوها، وها هم في انتظار أن يُـنزل القدر عقابه على سعادتهم . فهل نحن شعوب تكره الحياة وتهابها إلى هذا الحد؟ 1 حينما يمر أحدنا بلحظات من السعادة مع الأهل أو الأصدقاء أو يحقق نجاحا ما، يظل يترقب المجهول، وينتظر من القدر مفاجأة غير سارة، تـُحيل حياته جحيما، فهل أصابنا القلق وتمكنت المخاوف من عقولنا، فأصابتنا الهلاوس، وصار المجهول شبحا يطارد عقولنا، ونال من سلامتنا النفسية والعقلية، وصرنا نصارع طواحين الهواء في الشوارع والأسواق، ونعيش خائفين من أوهام تحجبنا عن الحياة وتحجب الحياة عنا . 2 صارت الوجوه عابسة، والقلوب غاضبة، وبراح الأرواح معلق بخرم إبرة، بات الشك والريبة والترقب هى المشاعرالتى يصدرها بعضنا لبعض، وحين نلمح شُـبهة ابتسامة على وجه من الوجوه، قد نتهمه بالمرض العقلى، ونردد وتطيب الحياة لمن لا يبالي، بل قد يصل بنا الأمر لمطالبتنا باعتقاله مجتمعي